فلسفتي بالتدريس

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله , أما بعد :

فهذا تصور عن نظرتي إلى التدريس والتعليم والمقررات الدراسية , أوضح فيه استراتيجيات تقديم المقررات الدراسية , وأبين فيه كيفية تقويم الطلاب والتغذية الرجعة , إلى غير ذلك من الأمور .
 
أولا : رؤيتي الفلسفية للتدريس :
تتمثل فلسفتي في النظر إلى التعليم والتدريس على الكيمياء الآتي :
أ ـ سمو رسالة العلم والتعلم والتعليم :
 
فتمثل نظرتي إلى التعليم بأنه رسالة سامية , ومهمة راقية , ووظيفة شريفة , والتعليم والتربية الحسنة صنوان يجب ألا يفترقا , كيف لا وهاتان وظيفتا الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام , وهما أفضل ما يشتغل به الإنسان , ويمضي فيه وقته وعمره وجهده , لأنه بالتعليم تستنير العقول , وتترقى في سلم الرقي الإنساني , فيعلو الإنسان درجات عظيمة فوق مستوى الكائنات الحية الأخرى التي تشاركه الحياة على وجه هذه الأرض , فإذا استزاد من صنوف العلم ـ والمراد بالعلم هنا العلوم النافعة عامة ـ تفاوت الناس أيضا فيما بينهم , في مستوياتهم , بحسب ما تحقق لهم من اكتساب للعلم .
 
ولقد عظم الإسلام التعليم والمعلم تعظيما كبيرا جدا , لما يؤديه المعلم بالتعليم من إحياء للنفوس , وتنوير للعقول والبصائر , ورفع للجهل , وجلب للخير , ودفع للشر , إلى غير ذلك من الفضائل العظيمة , وقد أعلى الإسلام من شأن ذلك فجاءت نصوص كثيرة جدا تجلي هذا الأمر من نحو قوله تعالى : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } [ سورة الزمر : 9 ] وكقوله صلى الله عليه وسلم : " من علم علما فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل شيء " .
وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى أهم وظائف الرسول صلى الله عليه وسلم ـ المعلم المربي ـ بقوله تعالى : { ربَّنا وابْعثْ فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتِكَ ويُعلّمُهم الكتابَ والحكمةَ ويزكيهم } [ البقرة 129 ] وبقوله تعالى : { لقد مَنَّ اللهُ على المؤمنينَ إذْ بعثَ فيهم رسولا من أنْفُسِهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإنْ كانوا من قبلُ لفي ضلال مبين }                  [ آل عمران 164 ] .
 
 ومن خلال هاتين الآيتين تتضح مهمتا المعلم والمربي الرئيستين , وهما :
 
أ ـ التزكية , أي : التطهير , والتنمية , والسمو بالنفس إلى بارئها , وإبعادها عن الشر , والمحافظة على فطرتها .
ب ـ التعليم : وهو نقل المعلومات من عقائد وتشريعات وغيرها إلى عقول المؤمنين ونفوسهم , ليطبقوها في حياتهم .
والتربية الحسنة قرينة التعليم , فإذا افترقا كان الجهد ضائعا , وكانت النتائج السيئة وخيمة العواقب , يصلى بنارها المتعلم قبل غيره , ثم تنجر ويلاتها إلى المجتمع بشكل عام .
إنه لا بد أن يبين للأجيال الناشئة أن العلم والتعلم كانا السبيل الرئيس لما تحقق للبشرية من إنجازات حضارية ضخمة في شتى مجالات الحياة في هذا العصر , ولكنها في الأغلب إنجازات مادية , أما في الجانب الروحي والأخلاقي فهي في الغالب مفلسة , وذلك بسبب الفصل بين التربية الحسنة والعلم والتعليم .
ولذلك فإني أرى أنه مما يجب الاهتمام به الجمع بين التربية والتعليم , حتى يتحقق لنا ما نرجوه من ثمار حسنة , تتمثل في إيجاد جيل صالح متكامل الشخصية السوية المنتجة الفاعلة البناءة .
ومن أبرز ما أرى ضرورة الاهتمام به ربط الطالب بالكتاب الذي هو المصدر الأصلي للمعرفة , وحثه على اقتنائه , والتعامل معه , ونبذ المصورات ( الملازم والمذكرات ) لما فيها من ضياع للعلم والمال .
وكذلك ضرورة التعامل مع الوسائل الحديثة للتعلم والتعليم , لكل من الأستاذ والطالب , وبخاصة الإلكترونية منها , لما فيها من عناصر تسهل عملية التعلم والتعليم بشكل فاعل ومؤثر .
وكذلك فإنني أرى ضرورة تفعيل الإرشاد الأكاديمي لكونه عاملا مهما في توجيه الطالب , وإرشاده للوجهة الصحيحة , ومساعدته على حل مشكلاته , وتزويده بكثير من الأمور التي تهمه في واقعه ومستقبل حياته , ولكونه عاملا مؤثرا في رفع مستوى العملية التعليمية بشكل عام .
 
ب ـ طريقتي في التدريس :
تتركز الطرق الشائعة في التدريس الجامعي بشكل عام على استراتيجيات ثلاث :
1 – استراتيجية تركز على المتعلم .
2 - استراتيجية تركز على الأستاذ .
3 - استراتيجية تركز على التفاعل بين الأستاذ والمتعلم .
 
الطريقة التي يراد اتباعها لا بد من أن تتسم ببعض السمات , والتي من أهمها :
 
1 – ربط التعلم الجديد بالتعلم السابق ذي العلاقة .
2 – استخدام التعلم الجديد في مواقف جديدة ذات علاقة بحياة المتعلم اليومية ( التعلم الوظيفي ) قدر الإمكان .
3 – عدم إرهاق المتعلم في تحقيق التعلم من حيث الزمن والجهد .
4 – تنمية شخصية المتعلم في تحقيق التعلم من جوانبها المختلفة : المعرفية والمهارية , والانفعالية .
 
ومن هنا فإن المباديء والمرتكزات التي تقوم عليها طرق التدريس  الفعالة , والتي سأعمل
 
 على تحقيقها ـ إن شاء الله تعالى ـ ما يأتي:
1 - المشاركة النشطة من قبل الطلاب .
 
2- تقديم المعرفة العلمية بطرية مفهومة , وواضحة المعنى بالنسبة إلى الطالب , وبما يوافق خبراته السابقة , وطبيعة العلم , وبنيته , وأهداف تدريس المادة العلمية .
3- تنظيم المعرفة المقدمة بطريقة مترابطة ومتسقة , بحيث يتاح للمتعلم فهم كل خطوة , وتطبيقها , وتحويلاتها , مهاراتها الأساسية .
4- تجسير الفجوة بين النظرية التدريسية والمنطق البنائي والتنظيمي للمادة العلمية , واحتياجات المتعلمين النفسية .
5- اعتماد التغذية الراجعة المناسبة , لإحداث التغييرات , أو التعديلات في التدريس الجامعي , بما يوافق ظروف المتعلمين وحالاتهم وتوجهاتهم واهتماماتهم .
6- أن تكون طريقة التدريس المتبعة مرنة وقابلة للتعديل في ضوء المستجدات التي تحدث في قاعات التدريس .
 
 تقويم أداء الطلاب والتغذية الراجعة :

أولا : التقويم

التقويم مرحلة أساسية في العملية التعليمية على اختلاف طرقها ومراحلها الدراسية , وذلك لأنه في الحقيقة يؤثر في تحديد استراتيجيات التخطيط للتدريس , وفي أساليبه , وفي برامج رعاية الحالات الضعيفة والمتأخرة دراسيا , وبالجملة فإنه يحقق تصورا معينا عن الحالة الواقعية للطلاب , وموقفهم من عملية التدريس , ويمد الأستاذ بملاحظات متعددة ترشده إلى مواطن الخلل لديه , أو ما حصل منه من التقصير في ناحية تعليمية أو تربوية على حساب حالة أخرى , إلى غير ذلك من المؤشرات التي يمكن الاستفادة منها في الارتقاء بمستوى التدريس والطلاب على حد سواء .
ويتمثل التقويم الفعال في ثلاث مراحل :
المرحلة الأولى : التقويم القبلي
ويكون هذا التقويم عن طريق اختبار للطلاب قبل الشروع في العملية التدريسية , بحيث يكون الغرض منه تحدد مستوى الطلاب , واستجلاء ما لديهم من معلومات عامة , أو معلومات تتعلق بالمقرر أو التخصص الذي تخصصوا فيه , وإدراك ما لديهم من مهارات قد تسهم في تحقيق التعليم الجيد .
وهذا المرحلة من التقويم ينبغي العناية بها عناية شديدة , لأنها تعطي تصورا عن حالة الطلاب , وتبين للأستاذ ما ينبغي أن يتخذ من إجراءات .
فأما فيما يتعلق بما يقدمه التقويم القبلي من تصور عن حالة الطلاب فيتمثل في الآتي :
1 ـ تحديد جوانب الضعف أو القصور في معارف الطلاب العامة .
2 ـ تحديد جوانب الضعف أو القصور في معلومات التخصص .
3 ـ تحديد أي الطلاب بحاجة إلى عناية أكثر .
وأما فيما يتعلق بما ينبغي على الأستاذ فعله فيتمثل في :
1 ـ إثارة الدافعية للتعلم.
2 ـ تحديد جزئيات الدرس الجديد.
 
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق